لعل القدر وحده هو الذي تسبب في فوز الساحر البرتغالي مانويل جوزيه بلقب أفضل مدير فني في تاريخ النادي الأهلي من قبل عشاق القلعة الحمراء في الاستفتاء الذي أجراه برعاية INTER SPORT في العام ذاته الذي يقرر فيه الساحر الرحيل عن القلعة الحمراء.
وبالرغم من أن الغرض من التكريم كان الإحتفال بأفضل مدير فني للنادي الأهلي في تاريخه إلا أنه تحول بفعل الظروف الحالية لحفل وداع من قبل 117 ألف أهلاوي اختاروا جوزيه في مسابقة فريق القرن ليكون الأفضل في تاريخ الأهلي وهو التكريم الذي تحدث فيه جوزيه بكل صراحة ووضوح عن كل ما دفعه للرحيل عن الأهلي. جوزيه كان بعيداً عن أي فواصل تمنعه من قول كل ما يكتنزه صدره طوال هذه الأعوام موجهاً حديثه مباشرة لجمهور الأهلي.
لماذا قررت الرحيل عن النادي الأهلي؟
جوزيه : منذ العودة من اليابان عقب المشاركة في كأس العالم للأندية الأخيرة فقدت الحافز الذي كان يدفعني للتفوق وبدأت في التفكير في الرحيل .. فتجربة اليابان كانت من أكبر الاحباطات التي تعرضت لها في تاريخي.
كما أني بلغت من العمر 63 عاماً ووالدي يبلغ من العمر 94 عاماً ولم أره في العام الأخير سوى مرة وحيدة وابني لم أره سوى مرتان وهي أمور لم أعد أتحملها في هذه المرحلة من عمري.
لقد أعطيت للأهلي قلبي وعقلي ولحمي ودمي وأنا أحتاج الأن لأن أتابع حياتي الشخصية في هذا السن المتقدم لأني لم أرى عائلتي وأصدقائي منذ فترات طويلة .. فخلال السنوات الخمس الأخيرة كنت أحصل على أجازة لمدة أسبوع أو ما شابه وهي بالطبع فترة غير كافية على الإطلاق وتدريب أنجولا سيمنحني الفرصة للبقاء في البرتغال لوقت أطول.
وكيف أبلغت الإدارة بقرار الرحيل؟
جوزيه : تحدثت منذ ثلاثة اسابيع مع إدارة الكرة وأخبرتهم بأني لن أستمر في الفريق .. وهو الأمر ذاته الذي حدث عام 2001 عندما أبلغت صالح سليم قبل وفاته بأني سأرحل لأني لم أعد قادراً على الاستمرار في الفريق واليوم كررت الفعل نفسه واتفقت مع لجنة الكرة على الرحيل.
ما هو سبب هبوط مستوى اللاعبين في الفريق خلال الفترة الأخيرة؟
جوزيه : لاعبو الأهلي مرهقون للغاية فهم يلعبون للموسم الخامس على التوالي بدون اي راحة .. حتى أن زوجتي كانت قد سافرت للبرتغال منذ ستة أشهر تقريباً لم تشاهد خلالهم مباريات الفريق وعادت منذ أسبوع لتشاهد مباراة حرس الحدود معي وقالت لي بعد اللقاء " هذا ليس الفريق الذي تدربه ".
الاتحاد المصري لكرة القدم لا ينظم المباريات بشكل صحيح وهذه كارثة تصب على فريقي واللاعبين.
وما هو الحل من وجهة نظرك؟
جوزيه ضاحكاً : لا يمكني الحديث في هذا الأمر فهذا ليس عملي
كيف ترى مستقبل النادي الأهلي بعد رحيلك؟
جوزيه : سيبقى الأهلي يفوز ويفوز .. فالأهلي فريق كبير وستستمر الحياة بعد رحيلي بالتأكيد .. فالأهلي كان عظيماً قبل قدوم مانويل جوزيه وسيظل عظيماً بعد رحيله .. يتغير الأشخاص ويبقى النادي الأهلي متميزاً.
ويضيف بحماس شديد : هل رأيت كيف لعب وائل جمعة في مباراة حرس الحدود الأخيرة ؟ هذا اللاعب أصيب في الدقائق الخمس الأولى من المباراة وأكمل المباراة حتى نهايتها بروح وقتال وحماس شديد .. هؤلاء اللاعبون أبطال وسيبقى هؤلاء النجوم أبطالاً بعد رحيلي.
كيف تقيم تجربتك في مصر؟
جوزيه بحماس : رائعة .. وروعة هذه التجربة تكمن في الجمهور .. وسيأتي اليوم الذي أعود فيه إلى مصر لأزور أصدقائي والجمهور الأهلاوي.. لا يمكن أن أنسى هذا الجمهور الغني منهم والفقير وخاصة الفقير .. فأنا منذ الصغر كنت فقيراً ولا يمكني أن أنسى ذلك.
ولكني في الوقت الحالي غني .. لست غنياً بالمال بل انا غني بحب الناس وما أقوله ليس شعارات أتغنى بها ولكنها حقيقة وكلامي هذا ينبع من أعماقي.
هل تعلم أن هناك حملة قادها جمهور الأهلي لمنحك الجنسية المصرية لأنهم شعرون بالفخر لوجودك بينهم؟
جوزيه بإندهاش وتأثر : فعلاً ؟ لم أعلم هذا من قبل .. وإن كنتم تشعرون بالفخر فأنا من يجب ان يشعر بالفخر لوجودي بينكم وبين هذا الجمهور الرائع .. أنا أعشق هذا الجمهور بشكل غير عادي وكنت أتمنى أن أبقى بينهم لأني كما قلت من قبل غني بكم.
ويضيف كمن تذكر شيئاً هاماً : بالمناسبة .. أنا لم أرحل عن النادي الأهلي بسبب المال كما ادعى البعض .. لقد تلقيت عروضاً مالية من كل أندية الخليج وبمقابل مادي يفوق بكثير ما كنت أحصل عليه في الأهلي .. لقد حاولت معي أندية سعودية واماراتية وقطرية وكويتية ولكني كنت أرفض من أجل الجمهور .. وكنت أؤجل قرار الرحيل من أجلكم.
ولا يمكني أن أنكر أن المقابل الذي سأحصل عليه في أنجولا أفضل من الأهلي ولكنه ليس سبب رحيلي فمن الطبيعي أن أتفاوض لأحصل على أفضل عرض مالي ولكنه يبقى أقل بكثير من العروض التي تلقيتها في الخليج.
وهل يمكن أن تعود للأهلي بعد نهاية تجربتك مع أنجولا؟
جوزيه : مازال أمامي عامان أقضيهما في الملاعب .. فسأعتزل الكرة عندما أبلغ الخامسة والستين من عمري وبالتالي فلا أحد يعلم كيف ستدور الأمور بعد تجربتي مع أنجولا.
علاقة مانويل جوزيه مع جمهوره تناقض تماماً علاقته بالإعلام فما السبب؟
جوزيه : الفارق بين جمهور الأهلي والاعلام المصري هو كما الفارق بين البحر الأحمر والمحيط الأطلنطي .. مع الأخذ في الاعتبار أن البحر الأحمر به أسماك مفترسة التي تنهش في لحم البشر .. فأغلب ما تكتبه عني الصحافة كاذب ولا يحدث أبداً.
كل يوم أقرأ أني تشاجرت مع لاعب ما وأني طلبت رحيل لاعب أخر وهي أمور غير صحيحة .. كما أن الكثير من وسائل الإعلام تنشر تصريحات لي وكأني قلتها لها وهي أمور غير صحيحة .. فأنا لا أتحدث سوى لقناة الأهلي ومجلة الأهلي.
وبالرغم من أن تجربتي في مصر في قيادة النادي الأهلي أكثر من رائعة ولكن النقطة السيئة الوحيدة بها هي علاقتي بوسائل الإعلام.
طوال وجودي في النادي الأهلي كنت أتدخل لإنهاء أي مشاكل تحدث داخل الفريق .. والفريق في السنة الأخير شهد الكثير من المشاكل ولكني تدخلت لحلها ونجحت في ذلك .. فهكذا تعمل العائلة.
نحن في النادي الأهلي فريق واحد ومجموعة واحدة .. في مصر الكل يعمل بمفرده ولا تجد مجموعة عمل متكاملة .. ولكننا في النادي الأهلي نجحنا في تكوين فريق عمل متكامل وهو ما جعلنا متميزين.
أما بالنسبة للإعلام مجدداً فالجمهور هو من أنصفني أمام الإعلام لأنهم يصدقوني ويساندوني أمام هذا الإعلام لأنهم يعرفوني جيداً .. إنه بالفعل أمر صعب للغاية أن أفارقهم ولكن هذه هي الحياة.
أنت بالنسبة لنا أسطورة .. لا نتخيل أن ننظر إلى الدكة فلا نجدك جالساً عليها .. من يمكنه أن يقوم غاضباً ساخطاً يعترض على الحكام ويدافع عن الفريق غيرك؟
جوزيه بتأثر شديد للغاية : منذ قدمت للنادي الأهلي وأنا أرتدي قميصه فأنا "أهلاوي" ( وقال الكلمة الأخيرة بالعربية للتأكيد على كلامه ) وكنت أقوم وسأظل أقوم بكل ما في وسعي لخدمة النادي الأهلي.
وهنا انتهت الأسئلة وقام فريق العمل لتسليم الساحر جوزيه درع أفضل مدير فني في تاريخ النادي الأهلي و"بوستر" يحمل صورته وهو في الثالثة والعشرين من عمره و خلفه جميع البطولات التي حاز عليها و هو مدير فني للعملاق الأفريقي الأهلي المصري، و قد حمله جوزيه بتأثر شديد وتذكر المباراة التي التقطت فيها الكاميرا هذه الصورة لتأتي لحظة الوداع بين ساحر لم يبخل بأي حيلة من حيله الرائعة على جمهوره الذي لم يعشق مدرباً في يوم من الأيام مثلما عشق مانويل جوزيه.
و قد توجه جوزيه بكلمة لجماهير الأهلي عبر الموقع و سنقوم بنشرها بالفيديو لاحقاً
و جمهور الأهلي لا يسعه سوى ان يقول لك...
شكراً مانويل جوزيه....Obrigado Manuel José