عدد المساهمات : 19 نقاط : 112 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 20/04/2009 العمر : 38
موضوع: عشوائية الفتاوى فى العالم الاإسلامى الأربعاء مايو 06, 2009 4:34 pm
بقلم:أ.د/ أحمد سوكارنو عبد الحافظ
يتلقى الدين الإسلامى طعنات من هنا وهناك ويتعرض للانتقادات والاتهامات بالرجعية والتخلف. ويكفى أن وسائل الإعلام الغربية تتهم المسلمين بممارسة الإرهاب واضطهاد المرأة بمباركة كتبهم المقدسة. ومنذ فترة طالب الصحفى محمد الباز فى جريدة الفجر بضرورة تنقية الأحاديث النبوية التى رواها بعض الصحابة لأن بها بعض الأمور التى تسئ إلى الإسلام ولا تتفق مع أخلاقيات رسوله الكريم. وهدد رجال الدين بمقاضاة هذا الصحفى بدعوى أنه يوجه الإهانة لصحابة رسول الله وقدموا بلاغات للنائب العام يطالبون فيه بتوقيع اشد العقاب على هذا الصحفى الذى تجرأ وتناول هذه الكتب بالنقد والتمحيص. وأفتى أحدهم بضرورة مقاطعة الصحف التى تنشر ما يسئ إلى الصحابة. لقد انتشرت الفتاوى الإعلامية السريعة بصورة لم نشهدها من قبل. لقد كانت الفتاوى فى الماضى لا تصدر إلا بعد فحص ودراسة الأمر دراسة متأنية مع الأخذ فى الاعتبار معطيات وظروف العصر الذى تصدر فيه هذه الفتاوى. أما فى عصرنا هذا فإن بعض رجال الدين لا يتوقفون عن إصدار الفتاوى على الهواء مباشرة ومن خلال بعض القنوات الفضائية وفى الكثير من الأحيان لا تتناول الفتوى مشكلة حقيقية يعانى منها المسلمون ولكنها فرقعات تحدث دويا وضجيجا حول موضوع بعيد عن مشكلات وهموم العصر. والغريب أن أصحاب هذه الفتاوى لا يأخذون وقتهم فى القراءة والبحث قبل إصدارها. فمنذ أيام قليلة اصدر أحد العلماء وهو الدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث بجامعة الأزهر فتوى غريبة تختص بجواز إرضاع الكبير لأن هذا سوف يحلل خلوة الرجل مع المرأة الأجنبية التى يرضع من ثدييها وأباح للمرأة العاملة أن تقوم بإرضاع زميلها في العمل فعندئذ تستطيع الموظفة التى تشارك زميلها فى الحجرة أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، مطالبًا توثيق هذا الإرضاع كتابة ورسميًا على أن يكتب في العقد أن فلانة أرضعت فلانًا. ولم يبين لنا العالم الجليل ماذا نفعل إذا جف اللبن من ثدى المرأة التى نعمل معها وماذا يفعل الرجل إذا لم يستطع أن يحصل على لبن أثناء الرضاعة؟ هل تحسب رضعة أم لا؟
اعتقد أن رجال الدين فى هذا الزمان يعيشون فى واد ونعيش نحن فى واد آخر. يقضى أحدهم الليل والنهار باحثا عن الفتاوى الغريبة التى تحدث فرقعة إعلامية ويحدث إرباكا فى حياتنا. والغريب أن هذه الفتاوى يختلف حولها رجال الدين. هل يعقل أن يشرع أحد رجال الدين بأن يلمس رجل ثدى زميلته فى العمل ويضع الحلمة بين شفتيه بدعوى أن ذلك سيجعلها محرمة عليه. وربما يعتقد هؤلاء أن العالم الإسلامى قد أصبح عالما يخلو من المشكلات والأزمات ولم تبق سوى تلك المعضلة التى تنغص حياة المسلمين. فهل انتهى عصر الظلم من حياة المسلمين الذين يتقاتلون فى فلسطين والعراق مع بعضهم البعض؟ هل توقف مسلسل القتل والاغتيالات التى ابتليت بها لبنان التى شهدت اغتيال الحريرى وغيره؟ هل انتهى عصر الغش الذى طال الألبان التى نتناولها ممزوجة بسماد اليوريا والبوتاس وزهرة الغسيل؟ هل انتهت حالات التعذيب والبطش التى يرتكبها من بيدهم السلطة فى البلاد العربية؟ هل انتهى عصر الهجوم على الأديان السماوية وإثارة البغضاء والكراهية؟
إن الأمر يتطلب إصدار فتوى لإيقاف هذا التهريج بحيث تتولى لجنة أو هيئة من علماء الدين الإسلامى من سائر البلدان الإسلامية إصدار الفتاوى التى نحن فى حاجة إليها، وخاصة الفتاوى التى تتناول المستجدات فى العصر الحديث ولا يترك الأمر فى يد أفراد تتلاعب بمشاعر الجماعة وتحدث تشويشا فى أفكارهم. ويجب أن يحاسب من يجتهد فى إطلاق الفتاوى دون الرجوع لهذه اللجنة.